البحث الدلالي
2022-01-23يتفاجأ الكثير منا من مدى دقة محركات البحث في فهم نوايانا وإرجاع نتائج بحث جيدة على الرغم من أننا أحياناً نقوم بالبحث باستخدام استعلامات معقدة (سواء أسئلة أو جمل).
لكن هذه النتائج الباهرة التي وصلت إليها محركات البحث لم تحصل في يوم وليلة، وإنما استغرقت الكثير من الأبحاث والدراسات.
اتبعت محركات البحث قديماً الخوارزمية التالية - يكتب المستخدم استعلاماً ويقوم محرك البحث بالبحث عن النتائج التي تتضمن هذا الاستعلام. على سبيل المثال، إذا كنت تقوم بالبحث ضمن مجموعة عناوين مقالات وقمت بكتابة جملة "طعام قطط" في مربع البحث فإن النظام سيقوم فقط بإرجاع المقالات التي تتضمن عناوينها الجملة "طعام قطط"، وإن لم يكن هناك مقالات بمثل هذه العناوين فإن نتائج البحث ستكون بعيدة كل البعد عن ما هو مطلوب. ولكن مع ظهور البحث الدلالي أصبحت آلية البحث أكثر تطوراً و تعقيداً.
في وقتنا الحاضر عندما يكتب المستخدم استعلاماً فإن محرك البحث يقوم بتحليل الاستعلام وفهم سياقه ونيته أو حتى استخلاص كيانات مهمة منه (أسماء أشخاص أو أماكن أو تواريخ ..الخ) أوالبحث عن مرادفات أخرى، وبالتالي سيحصل المستخدمون على نتائج بحث أفضل.
في المثال السابق، سيكون البحث أكثر دلالة من حيث المعنى لأن النظام سيحلل الاستعلام ويتعرف على أن كلمة "قطط" تشير إلى نوع الحيوانات، وأن كلمة "طعام" تشير إلى الأشياء التي نأكلها وبالتالي سيعرض النتائج الأكثر صلة بالموضوع حتى إذا لم يتمكن من العثور على مقالات تتضمن عناوينها كلمة "قطط"، فإنه سيعرض نتائج جيدة نسبياً مثل طعام الكلاب، وطعام الحيوانات، ... إلخ.
ما هو البحث الدلالي؟
يعد البحث العادي (البحث بالكلمات المفتاحية) مقيّداً في إيجاد نتائج البحث، لأنه يقوم فقط بالمطابقة الحرفية بين الكلمات المفتاحية والصفحات، لذلك فإن النتائج التي يظهرها تكون مخيبة للآمال.
بينما البحث الدلالي يعتمد على فهم معنى الاستعلام واسترداد النتائج ذات الصلة لهذا المعنى بدلاً من مجرد البحث عن المطابقات الحرفية.
يهدف البحث الدلالي إلى تحديد القصد والمعنى السياقي للكلمات التي يكتبها المستخدم ثم يحاول العثور على النتائج الأكثر صلة بهذا المعنى. على سبيل المثال، عندما يدخل المستخدم "لابتوب لينوفو ٢٠٢٢" ، سيعطي البحث بالكلمة الرئيسية جميع المنتجات من لينوفو حتى لو لم تكن أجهزة كمبيوتر محمولة ، بينما سيأخذ البحث الدلالي في الاعتبار هدف البحث ويعطي نتائج دقيقة بحيث يظهر أحدث كمبيوتر محمول من لينوفو.
ما أهمية البحث الدلالي؟
1. تحسين تجربة المستخدم
السبب الرئيسي لاستخدام محركات البحث هو تسهيل عثور المستخدم على ما يبحث عنه. لهذا السبب من المفترض أن تفهم محركات البحث ما يريده المستخدمون وتسعى إلى توفير تجربة بحث جيدة لهم.
يقوم البحث الدلالي بتعزيز تجربة بحث المستخدم من خلال فهم نية المستخدم وجلب نتائج ذات صلة بـاستعلام المستخدم.
2. التأثير الإيجابي على الأعمال
يجلب البحث الدلالي فائدة كبيرة لتطبيقات المؤسسات والأعمال حيث يمكن للمستخدم الوصول إلى البيانات والمعلومات التي لن يتمكن من الوصول إليها بدون البحث الدلالي، مما يؤدي إلى مستوى عالٍ من المشاركة وحركة المرور التي تفيد الشركة.
يعد فهم البحث الدلالي أمراً ضرورياً من أجل الحصول على أكبر قدر ممكن من حركة المرور والتحويلات.
تريد أن تفهم كيف يعمل مجال أعمالك قبل أن تلعب دوراً فيها. كلما كانت عمليات بحث المستخدم أكثر صلة وفهماً، كانت معدلات التحويل أفضل.
ولا بد أن نذكر هنا أنّ للبحث الدلالي تأثير كبير على التجارة الإلكترونية، فهو يعزز الإيرادات عبر الإنترنت من خلال توجيه العملاء إلى المنتجات حتى لو لم يتمكنوا من وصفها بشكل جيد و عرض المنتجات الموسمية أو حتى بيع أشياء كـ اقتراحات للمنتج و إعطاء تصنيف النتائج للعميل حسب السعر والعلامة التجارية وتاريخ الإصدار .. إلخ.
كيف يعمل البحث الدلالي؟
البحث الدلالي هو بحث ذو معنى، وهذا يعني أنه إذا كنت ترغب في إجرائه، فعليك تمثيل استعلامك والمستندات التي تريد البحث فيها بطريقة ذات معنى.
يقوم البحث الدلالي على تمثيل كل من الاستعلام والمستندات التي نريد البحث عنها كمتجهات هندسية ضمن فضاء متجهي (شعاعي) هندسي مشترك عن طريق نوع معين من الترميز ثم إجراء بحث تشابه similarity search داخل قاعدة بيانات المستندات باستخدام مقاييس التشابه بين المتجهات مثل جيب التمام أو المسافة الإقليدية أو أي مقياس تشابه آخر.
نظرة عامة عن الطريقة موضحة أدناه:
كما تظهر الصورة السابقة ، نقوم بترميز الاستعلام والمستندات باستخدام مرمّز النص (Text Encoder) الذي سيعطينا تمثيلاً متجهياً لها ثم نقوم بتطبيق بحث التشابه عن طريق حساب المسافة بين متجه الاستعلام وكل واحد من متجهات المستندات ، بعد ذلك ، نختار المستندات التي يكون تمثيلها المتجهي قريباً من التمثيل المتجهي للاستعلام ونرتبها من الأقرب إلى الأبعد لتشكيل نتائج البحث النهائية.
لكن السؤال الرئيسي هنا هو كيف يمكن تمثيل الاستعلام والمستندات بطريقة ذات معنى؟
هنا تكمن أهمية ما يسمى بـ ترميز النص (Text Encoding).
ترميز النص (Text Encoding):
يُشار إلى النص عادةً على أنه بيانات غير منظّمة يصعب على الحاسوب فهمها أو تمثيلها، ولكن هذا الكلام ليس دقيقاً في الواقع، فإذا كان النص غير منظّم، فلن نكون قادرين على فهم بعضنا البعض عندما نتحدث ولن نكون قادرين على قراءة وفهم الكتب.
هناك بالتأكيد هيكلية وراء كل نص ولكن هذه الهيكلية معقدة للغاية وغامضة بطريقة لا يستطيع الحاسوب فهمها، ومن مهمة عالم البيانات تحليلها واستخراج معلومات مفيدة منها.
يعتبر تمثيل تضمين الجملة sentence embedding من أفضل طرق تمثيل النص بشكل ذي معنى وهو أسلوب في معالجة اللغات الطبيعية NLP حيث يتم تعيين الجمل إلى متجهات الأرقام الحقيقية في فضاء متجهي دلالي مشترك.
في طريقة تضمين الجملة sentence embedding ، يكون للجمل التي لها نفس المعنى تمثيل مماثل في الفضاء المتجهي الدلالي المشترك، وهو بالضبط ما نريده (لأننا نريد تمثيل النص بطريقة ذات معنى).
وهذه في الواقع طريقة عمل مرمز النص (Text Encoder) بشكل مختصر.
حيث إن مرمز النص هنا هوة عبارة عن نموذج Model لتضمين الجمل، يأخذ الجملة كـدخل له ويقوم بإخراج التمثيل المتجهي لهذه الجملة.
الخاتمة
تحدثنا عن تقنية البحث الدلالي، ما هي؟ وما أهميتها ؟ وكيف تعمل؟ ودورها الهام في التجارة الالكترونية.
وكما تعلمنا من خلال تمثيل البيانات التي نريد البحث فيها بطريقة هادفة يمكننا تحقيق نتائج بحث رائعة وهذا لا ينطبق فقط على البيانات النصية ولكن على جميع أنواع البيانات (صورة ، صوت ، فيديو ... إلخ).
شارك
شاهد المزيد من المدونات
3 طرق يمكن أن يحسن بها البحث التنقل داخل متجرك الإلكتروني
ما مدى أهمية تصميم محرك بحث مناسب للتجارة الإلكترونية؟
لماذا قد تخسر تجارتك بسبب مربع البحث على متجرك الإلكتروني؟